سنة أولى سياسة

الحاكم العسكري في مالي أظهر مستوى ضعيف جدا في ممارسة السياسة، و يبدو أن أسيمي غويتا بعد أن انهارت كل أحلامه و طموحاته السياسية التي شردت بخياله بعيدا و جعلته يرى نفسه زعيما كبيرا في افريقيا يجتمع الأفارقة و على رأسهم دول الساحل حوله،
وجد نفسه بسبب المراهقة السياسية محاط بأزمة داخل أزمة، ليس داخل دول الساحل لكن داخل بلاده، بعدما انفض حوله الكثير من مؤيديه و زاد السخط الشعبي بسبب الفاقة و الفساد و انسداد الآفاق و عدم وجود رؤية واضحة للخروج من الازمة،
بعدما كان يأمل الشعب المالي في تغيير أوضاعه بعد وصول عسكر غويتا الى الحكم، و لأن الحبل بدأ يضيق حول عنق غويتا، فكان لا بد له أن يجد فكرة يجمع الشعب بها من حوله، و لم تكن الفكرة سوى أن يبيع نفسه لاعداء المنطقة و يكيد معهم ضد الجزائر و يظهر أمام شعبه على انه زعيم حقيقي يتحدى دولة كبيرة،
و لن يدوم وقت طويل ليكتشف الشعب المالي و شعوب المنطقة أن غويتا العسكري ما كان في واقع الحال سوى (غايطة) تعزف بها قوى خارجية ألحان إخراج الافعى من جحرها لتنشر سمومها في الساحل و تنهب الخيرات التي كانت تنهبها فرنسا،
و هذه المغامرة التي يقوم بها المراهق السياسي مع الجزائر نيابة عن عرة الجيران المطبعين و القوى الأخرى ستؤدي بصاحبها الى قطع الصحراء وحيدا حافيا بلا زاد أو ماء، فقد علمنا التاريخ أن زعماء الورق يتم استعمالهم ثم المسح بهم و رميهم، و لعل أبرز مثال على ذلك رئيس السودان الجنوبي جون قرنق الذي حلم بأن يكون زعيما فأنشأ مليشيات بمساعدة القوى الأجنبية و دخل في حرب طاحنة مع جيش بلاده من اجل استقلال الجنوب، و تحقق له ذلك بمساعدات اجنبية،
لكنه اكتشف متأخرا أنه خدع وطنه و أنه لا هو زعيم و لا هم يحزنون و لا كما وعدوه بأن يجعل من السودان الجنوبي طفرة اقتصادية و مالية، فمباشرة بعد استقلاله بالجنوب ارغمته الدول التي دعمته في حربه ضد الشمال على أن يسلم خيرات بلاده للشركات الكبرى،
فما كان عليه سوى الاسراع للتفاهم مع عمر البشير الرئيس السوداني من اجل توحيد البلاد و اعادة توحيد البلاد، لكن الوقت كان قد فات، فقرنق انتهى دوره و خليفته كان جاهزا، و تنتهي أحلام رئيس جنوب السودان بتفجير مروحيته في حادث غامض اودى بحياته،
و هذا مصير كل من أراد تسلق سلالم السياسة من الأعلى و ليس من الاسفل، و كل من يفعل ذلك فإن سقوطه يكون مدويا، و سيأتي اليوم الذي لم تجد الا الجزائر تأتيها صاغرا لإنقاذك، لكن سيكون الوقت قد فات و لن يترك لك من تعمل لحسابهم الوقت لتكشف كل شيء.