مثقفون حاشاكم
صدمة و خيبة و حسرة يعيشها بعض الكتاب عندنا (حاشاكم)، بعد أن اخذوا مكانهم في زوايا معرض الكتاب انتظارا لطوابير الناس الذين سيشترون سلعهم التي يسمونها كتبا، لكن الذي حصل أن جحافل من زوار المعرض توجهوا نحو كاتب سعودي شاب يدعى أسامة المسلم قصد الحصول على واحد من أعماله الأدبية مع التوقيع،
و من كثرة الطوابير و زحمة الناس أمام دار النشر التي نشرت أعمال الكاتب السعودي تدخلت الشرطة لتنظيم عملية البيع و التوقيع بينما بقي بعض من يطلق عليهم أدباء و كتاب (حاشاكم) عندنا يتفرجون على هذه الظاهرة و أسنانهم تكاد تقطع شفاههم من الغيض،
و بدلا من الاعتراف بخيبتهم و فشلهم، راحوا يتهمون الشباب و يصفونهم بقراء التيكتوك و الفارغين فكريا، و الواقع و الحقيقة تقول أن جيل اليوم له عالمه و له افكاره و له ميولاته الادبية و الفكرية التي لم يجدها عند من استأثروا بالمشهد الفكري عندنا منذ عهد هاك المفتاح يا فلاح، ثم ماذا يجد شبابنا من الجيل الحالي في جعبة نخبتنا (مع تغير الباء بالميم) عن جماعة الثقافة عندنا، و رغم محاولة التقليل من شأن ظاهرة الشاب السعودي الأديب،
فإن الواقع يؤكد لكل صاحب عقل، أن جماعة الثقافة عندنا و الكتاب (حاشاكم) ممن يعيشون في بروج عالية ما زالوا متخلفين جدا عن الجيل الحالي، هذا الجيل استطاع بشغفه الأدبي أن يحصل على ما يريد عند الكاتب السعودي أو غيره، بينما بقي من أمموا المشهد الفكري و احتكروا الواجهة الأدبية، غارقين في الكتابة عن غرف النوم و الملابس الداخلية، و صاحب الفكر الهارب (بلاصتي ماشي في الكوزينة).
الشباب اليوم يبحثون عن آفاق فكرية جديدة بعيدا عن روايات غرف النوم و الليالي الحمراء و بعيدا عن كتب الاديلوجيات البائدة، و بعيدا عن كُتاب باعوها لفرنسا لدرجة أن اصحاب المعرض كادوا يقدمون احداهن (حاشاكم)، لتكون ضيفة شرف من خلال كتابها (الجزائر اليهودية)،
و في الختام لو وجد فيكم هذا الجيل شيئا مقبولا من الابداع الفكري و الأدبي لما هجركم و ترككم تعضون الأيادي حسدا و كمدا بعد أن تحول المعرض كله الى جناح الكاتب السعودي، بينما بقي بعض من المثقفين (حاشاكم) يلومون في أذواق الشعب الادبية التي تماهت مع ما يرتاح اليه عقول الناس و عاطفتهم، و ليس مع من أمموا المشهد الفكري تحت شعار بلاصتي ماشي في الكوزينة، معتقدين أنهم أن يقدمون أفكار حضارية و فلسفية بينما هم كالحمار يحمل أسفار.